قضية فلسطين مانشيت قرآنية

قضية فلسطين مانشيت قرآنية
بقلم الشيخ بلال الملا رئيس لجنة الاعلام والتواصل في المركز الثقافي الاسلامي
من شدة الحزن وألم القلب، ووجع الضمير على عذابات أهلنا في فلسطين المحتلة، أكاد لا أجد كلمات تعبّر عن حقيقة الواقع المرير الذي يعيشه أهلنا هناك في الأرض المقدسة من ظلم العدو الصهيوني..
أكاد أشعر بأن الكلمات تتمرد على المعنى، وكأنها تتآمر مع المعتدين على طمس الحقائق وتعمية المشهد..
لقد انقلبت الصورة.. حتى ظننت ان كل شيء ضدهم..
فأصبحت أشك بكل شيء..
وأخوّن كل شيء..
وبتُّ أشعر بأن الفرح خيانة لهم..
وان الراحلة خيانة .. والنوم خيانة ..
والأكل والشرب خيانة..
وفتح باب المحل أو الذهاب للعمل أو المدرسة خيانة..
البيانات الطنانة لا شك خيانة..
تلاعب طفلك أو حفيدك بين يديك، فتطاردك آهات الأمهات وعيون الرجال المقهورة أمام أشلاء فلذات الأكباد ،فتشعر وكأنك تخون تلك العذابات والمآسي.. وترمقك نظرات الآباء المقهورين..
تجلس في بيتك أو مكتبك على مقاعد فارهة، وتشاهد عبر شاشتك الساطعة أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ ممزقة، وترى الدماء الزكية للصامدين الأبطال تتدفق على تراب فلسطين المقدس، ويهولك مشهد ركام الدمار فوق الرؤوس، ودخان الحرائق يخنق الأنفاس ويعمي العيون..
تقف في محرابك.. فتكاد تشعر بالخجل من مجرد غضبك الصامت، وتسأل نفسك وأنت العاجز الحائر..هل مجرد الدعاء يكفي؟
وهل مجرد البكاء يكفي؟.
هل يكفي مجرد إنكار المنكر بالقلب؟
بداهة، تدرك أنك لم تفعل شيئاً.. ولم تقدم شيئًا ..
أمام كل عذاب الضمير والشعور بالتقصير، تسأل نفسك.. وماذا بعد؟ ماذا أفعل ؟ إلى متى؟ إلى أين؟؟ وأسئلة وأسئلة.. ولا تجد لها أجوبة تُقنع بها نفسك أو تبرر موقفك أو تُشفي غليلك..
إذن ما العمل؟ هل لا يوجد مخرج لإنقاذ أهلنا في فلسطين؟ ألا توجد طريقة لإنهاء هذا الواقع المخزي الحزين؟.
هل ننتظر نخوة مسؤول منغمس في قعر الخيانة والتخاذل والعجز، أم ننتظر عطف عدو لئيم يشفق على البقية من أعدائه.. وهو يعتقد في تلموده ان قتل الأطفال عبادة يتقرب بها إلى الرب؟..
كل ذلك ينفع.. من الحزن في القلب، أو بتمرير رسالة دعم عبر هاتفك، مروراً بالتظاهر والتعبير عن الغضب والرفض، وصولاً إلى تقديم المال والنفس في سبيل تحرير فلسطين..
إنما الأهم هو تعزيز الإيمان بهذه القضية في نفوس الاجيال والناشئة..
ففي لحظة الحيرة والضياع هذه، علينا ان نصغي وننصت لما يصدع به قول الله تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}
[البقرة_ الآية: ٢١٤]
عندها ندرك حقيقة ويقيناً بان الأمر كله بيد الله، وان ما يجري ليس بغريب ولا بجديد، لقد تحدث القرآن الكريم والسنّة المطهرة عن هذا الواقع، وكأنه “مانشيت” في صحيفة يومية
تتحدث عن غدرهم، وجدالهم، وظلمهم، وتحريفهم الكلم عن مواضعه، والإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه الآخر، وكيف ينفذون الفساد والإفساد في الأرض، وكيف أمدهم الله بالمال والبنين وجعلهم أكثر نفيراً استنفاراً للعالم في الوقوف الى جانب ظلمهم وفسادهم، وكيف يستجلبهم الله تعالى من كل أنحاء المعمورة إلى أرض ميعاد مزعوم، هو في الحقيقة قدر محتوم، وكيف يتحصنون في القرى..، لنصل إلى الحديث الشريف الصحيح عن نبوءة قتال المسلمين لهم، حتى ليكاد الحجر والشجر من شدة ما شاهدا من ظلمهم، ينطقان لفضح المفسد الذي يختبئ وراءهما، ليتم وعد الله بدخول المسجد الأقصى كما دخله عباد الله الجبارون أولو البأس الشديد أول مرة، ويتبرون ما عتوا به هؤلاء المفسدون تتبيرا ً..
القضية اليوم ليس {لها من دون الله كاشفة}،.
لقد مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بياسر وزوجته سمية وهما يعذَّبان على أيدي قريش، فواساهما، وقال :”صبراً آل ياسر ان موعدكم الجنّة”.. فنصر الله قريب، وقريب جداً.. هم يرونه بعيداً ونراه قريباً ، فالله لا يخلف الميعاد، وهو عز وجل غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

 

لا تفوت منشورًا!

اشترك مجانًا وكن أول من يتم إخباره بالتحديثات.