النهار: “فحص لودريان” يترنّح… والمعارضة للمواجهة الحاسمة

كتبت صحيفة “النهار”: لعل المفارقة المتمثلة بوصول منصة الحفر البقعة 9 امس من جهة وانقطاع الإنتاج الكهربائي في معملي الزهراني ودير عمار مهددا بالعتمة الشاملة من جهة مقابلة، كانت التجسيد الأكثر رمزية لبلد يعاند تداعيات التخبط والازدواجية والانفصام في السلطة. فما ان أعلنت شركة “توتال إنيرجيز” مشغّل الرّقعة رقم 9 عن وصول منصة الحفر Transocean Barents إلى الرّقعة حتى أعلنت الشركة المشغلة لمعملي دير عمار والزهراني “برايم ساوث” تسليم معملي الزهراني ودير عمار إلى مؤسسة كهرباء لبنان وتسليم المعملين بما سيؤدي توقف تزويد المواطنين في معظم المناطق بالتغذية الكهربائية كلياً.

 

مع ذلك لم تحجب هموم الطاقة وازماتها تطورا سياسيا وديبلوماسيا بدأت تردداته بالتصاعد الثلثاء الماضي ويتوقع ان تبلغ ذروتها تباعا نظرا الى الطابع المثير للغرابة الذي اثارته “سابقة” توزيع رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص الى لبنان جان ايف لودريان على رؤساء الكتل النيابية والنواب تمهيدا للفصل المقبل من مهمته في بيروت في أيلول المقبل .

 

حملت هذه الرسالة – السابقة التي ابلغتها السفارة الفرنسية الى الأمانة العامة لمجلس النواب التي قامت بتوزيعها على رؤساء الكتل والنواب المستقلين جميعا، مفارقة بالغة الغرابة وبدت حمالة أوجه بما يفسر الارباك الواسع الذي استشعرت معه الجهات المتعاطفة أساسا مع المبادرة الفرنسية صعوبة اتخاذ أي موقف متحفظ منها ، فيما تميز موقف القوى المعارضة بتعبير هو الاوضح والأكثر حزما اطلاقا في رفض أي حوار من شأنه يعيد تجربة المجرب مع المحور “الممانع”. ذلك ان لودريان، وان كان اطلق خطوته هذه بالطلب من النواب أجوبة مكتوبة خطية على سؤالين محوريين حول الاستحقاق الرئاسي من منطلق دعم المجموعة الخماسية لمهمته هذه المرة، بدا كأنه يغامر بقوة في التسبب لمهمته بتداعيات واعباء تثقل على مهمته نظرا الى الطعن بمشروعية توجيه رسالة كهذه من ممثل دولة اجنبية الى نواب وبرلمان دولة “ذي سيادة” ولو ان دور الوساطة الحميدة والمرحب به من مختلف اطراف هذه الدولة يعطي الوسيط “حق التوغل” الى خصوصيات الازمة. كما ان الكثيرين ذهبوا الى المقارنة بين “الوصاية السورية ” والتصرف الفرنسي على رغم المغالاة التي تطبع هذه المقارنة، ولكن “الفحص” الذي طلبه لودريان من النواب أدى الى نشوء أجواء كهذه. وبدا مفاجئا للغاية ان الموفد الفرنسي وان أراد تعميق الاقتناع بجدية مهمته بالزام النواب الإجابة عن رسالته قبل نهاية آب ، اثار هو نفسه في المقابل لغطا واسعا حيال جدوى ما يهئ له في أيلول وما اذا كان ذلك لقاءات مع الكتل والنواب ام مؤتمرا حواريا ام مزيجا منهما. ولكن الوجه الإيجابي الذي برز في الرسالة تمثل في الإشارة الى “انتخابات مفتوحة ” بعد “الاجتماع والمشاورات الثنائية” علما ان كل ذلك يرتبط بترقب ما ستفضي اليه الخطوات التي سيقوم بها لودريان ومواقف الافرقاء منها .

 

اذ ان لودريان أعاد التذكير في رسالته انه اقترح عقد لقاء في شهر أيلول “يرمي إلى بلورة توافق بشأن التحديات التي يجب على رئيس الجمهورية المستقبلي مواجهتها والمشاريع ذات الأولوية التي يجب عليه الاضطلاع بها، وبالتالي المواصفات الضرورية” .وطلب من النواب “بشكل رسمي، إجاباتكم الخطية، والموجزة قدر المستطاع على السؤالين التاليين:

 

– ما هي بالنسبة إلى فريقكم السياسي، المشاريع ذات الأولوية المتعلقة بولاية رئيس الجمهورية خلال السنوات الست المقبلة؟

 

ما هي الصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية المستقبلي التحلي بها من أجل الاضطلاع بهذه المشاريع؟”.

 

 

موقف المعارضة

 

وشكلت الرسالة فرصة جديدة للفرز السياسي والنيابي حيال الية الحوار المقترح اذ بدا لافتا ان “الثنائي الشيعي” وحلفائه صمتوا كليا عن الرسالة في حين ان قوى المعارضة سارعت الى تثبيت موقفها الجماعي من التحفظ عن أي حوار مع “حزب الله” . واتخذ بيان صادر عن “قوى المعارضة في مجلس النواب” دلالات قوية وبارزة خصوصا بعد توزيع رسالة لودريان اذ اعتبرت هذه القوى انه ” آن اوان الحسم ولم يعد هناك اي مجال لاضاعة الوقت، او الى ترتيب تسويات ظرفية تعيد انتاج سيطرة حزب الله على الرئاسات الثلاث والبلد، بل بات لزاماً على قوى المعارضة كافة التحري الجاد عن سبلِ تحقيق سيادة الدستور والقانون وصون الحريات على كل الاراضي اللبنانية وحصر السلاح بيد الدولة بقواها العسكرية الشرعية”. أضافت “من هذا المنطلق فإن نواب المعارضة في مجلس النواب يعلنون الترحيب بالمساعي التوفيقية التي يقوم بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وتقدير اي مسعى يأتي من اصدقاء لبنان، لكن اصبح جليا، عدم جدوى اي صيغةِ تحاورٍ مع حزب الله وحلفائه. فاعتماده على الامر الواقع خارج المؤسسات لإلغاء دورها حين يشاء، والعودة اليها عندما يضمن نتائج الآليات الديموقراطية بوسائله غير الديمقراطية فرضا وترهيبا وترغيبا والغاء، كي يستخدمها لحساب مشروع هيمنته على لبنان، يدفعنا الى التحذير من فرض رئيس للجمهورية يشكل امتدادا لسلطة حزب الله، محتفظين بحقنا وواجبنا في مواجهة اي مسار يؤدي الى استمرار خطفه الدولة”. وشددت على “ان شكل التفاوض الوحيد المقبول، وضمن مهلة زمنية محدودة، هو الذي يجريه رئيس الجمهورية المقبل، بُعيد انتخابه، ويتمحور حول مصير السلاح غير الشرعي وحصر حفظ الامنَين الخارجي والداخلي للدولة بالجيش والاجهزة الأمنية، ما يفسح في المجال لتنفيذ كافة مندرجات وثيقة الوفاق الوطني في الطائف لا سيما بند اللامركزية الموسعة بوجهيها الاداري والمالي، وتطبيق الدستور وقرارات الشرعية الدولية وسلة الاصلاحات الادارية والقضائية والاقتصادية، والمالية والاجتماعية.”

 

اما في خصوص جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة اليوم فأكدت قوى المعارضة “استمرارها في مقاطعة أي جلسة تشريعية لعدم دستورية هكذا جلسات قبل انتخاب رئيس الجمهورية وتعتبر كل ما يصدر عنها باطل دستوريا” ،واهابت بجميع النواب والكتل ضرورة مقاطعة الجلسة التشريعية المقبلة صونا للدستور والشراكة”.

 

وبات في حكم المؤكد ان الجلسة لن تعقد لان “تكتل لبنان القوي” اعلن مساء امس انه لن يشارك فيها لان جدول الاعمال المطروح لا تنطبق عليه صفة الضرورة القصوى .

 

في غضون ذلك اقر مجلس الوزراء امس مشروع قانون الموازنة العامة للسنة الحالية بنسبة عجز مقدرة بلغت 23,57 في المئة بعدما قدرت السنة الماضية ب18,50 في المئة كما وافق على مشروع قانون يرمي الى إعطاء الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي، ومشروع قانون يرمي الى اعتماد بقيمة عشرة آلاف مليار ليرة لبنانية من احتياط الموازنة .

 

العتمة

 

وتصاعدت الخشية امس من تفاقم ازمة الكهرباء مجددا وعلم ان الاتصالات لا تزال مفتوحة على اكثر من صعيد، وسط عدم قدرة مصرف لبنان على تحمّل اعباء دولارية، بإعتبار ان حاكم المصرف بالإنابة وسيم منصوري يسعى لتأمين الرواتب لموظفي القطاع العام بالدولار،

 

وتلبية طلبات المؤسسات الامنية والعسكرية من امور لوجستية ومحروقات ومواد غذائية، اضافة الى دعم ادوية الامراض المستعصية، فهل يمكن للمصرف المركزي ان يتحمل ايضاً اعباء تكلفة قطاع الكهرباء؟

 

ويحاول وزير الطاقة وليد فياض ان يستبدل اموال الجباية الموجودة بالليرة بعملة الدولار، وهو ما لم يسمح به منصوري ان يكون دفعة واحدة، بإعتبار ان ذلك يهز الليرة ويزعزع السوق مما يضرّ باللبنانيين، في وقت نجح فيه منصوري بضبط سعر الليرة امام الدولار لغاية الان.

 

لذلك، تكثفت الاتصالات على قاعدة: تأمين الجزء الاكبر من المستحقات لشركات الخدمات من اموال SDR، وسط مساندة تدريجية من المصرف المركزي.

 

وعلمت “النهار” ان اجتماعات ستعقد اليوم لتجنّب ازمة الكهرباء والحفاظ في الوقت نفسه على سعر الليرة.

 

 

Don't miss a post!

Subscribe for free and be the first to be notified of updates.