النهار: تعيين الحاكم مناورة متقدمة لتكليف “النواب”: لودريان يقترح “حوار المواصفات” في أيلول

كتبت صحيفة “النهار”: تحت انظار المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان العائد الى بيروت بشكوك كبيرة في مهمته “المتبدلة”، قفز فجأة خيار تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في جلسة لمجلس الوزراء حدد موعدها غدا الى واجهة الأولويات المتوهجة على رغم حقل الألغام الذي يتربص بهذا الخيار بدءا برفض كل من القوى المسيحية الأساسية و”حزب الله” كل من منطلقه لتعيين حاكم جديد على يد حكومة تصريف الاعمال، وصولا الى شرذمة الحكومة نفسها والصعوبة الكبيرة في توفير أكثرية ثلثي أعضائها لتعيين الحاكم الجديد . فماذا يجري ؟

 

لقد بات واضحا ان ما أوردته “النهار” امس حيال تقاذف جمر الحاكمية بين مختلف الافرقاء السياسيين السلطويين والماليين قد بلغ ذروته لجهة انهيار كل الضمانات التي يتطلبها انتقال الحاكمية من يد الحاكم الأطول ولاية، والأكثر اثارة للجدل رياض سلامة، الى نائبه الأول وعبره الى المجلس المركزي اذ اثبتت الأيام الأخيرة ان المخاوف من تداعيات مخيفة في ظل هذه الأجواء ستتجاوز كل التقديرات في سوق القطع والأسواق المالية خصوصا مع بدء تقليص حجم “صيرفة” تمهيدا لوقفها. هذا التخبط الذي بلغ ذروته عقب فشل كل المحاولات الاستيعابية بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ونواب الحاكم الأربعة دفع الامور في اتجاه دراماتيكي تمثل في “قرار جراحي” جرى تداوله بين ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري امس في عين التينة حيث بدا لافتا اندفاع بري نحو حض ميقاتي على الدعوة العاجلة الى جلسة لمجلس الوزراء لتعيين حاكم جديد كخيار لا بد منه على رغم اختلاف موقفه عن موقف شريكه في الثنائي “حزب الله”. ولم يتضح بعد ما اذا كان بري وميقاتي قد احتسبا تماما القدرة على توفير أكثرية ثلثي مجلس الوزراء لتعيين الحاكم ومن ثم امكان التوافق على الحاكم الأمر الذي يبقي الساعات الأربع والعشرين المقبلة قبل موعد الجلسة في الحادية عشرة قبل ظهر الخميس محفوفة بكل التوهج مع احتمال تطيير هذا الخيار والعودة الى الطلب من نائب الحاكم الأول تسلم مهماته بالوكالة كما من النواب الثلاثة الاخرين الاستمرار في تسيير المرفق. وترافقت هذه المعطيات مع اخبار عن امكان التمديد للحاكم نفسه تقنيا في ربع الساعة الاخير لتسيير المرفق فيما لو استقال النواب الاربعة.

 

وقد وجّه ميقاتي فعلا الدعوة إلى الوزراء لعقد جلسة حدّدها قبل ظهر الخميس المُقبل لدرس الوضعين المالي والاقتصادي مع إقتراب إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وسيناقش المجلس كل الخيارات المتعلقة بهذا الملف ومن ضمنها وضع الحاكمية بعد سلامة والفرص المتاحة لتعيين حاكم جديد . وجاء ذلك عقب لقاء بري وميقاتي اذ اكد بري لميقاتي “وجوب عقد جلسة للحكومة لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان”. و في حديث لقناة “الحرّة” قال بري أنّ “الخميس المقبل جلسة لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان”. ولفت إلى أنّ “كل لبنان في خطر في حال لم يتم انتخاب رئيس قبل نهاية السنة”، مجددًا بحسب “الحرّة” تمسكه برئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية كمرشح لمنصب رئيس البلاد. واعتبر أنّ “القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ساهما بتعطيل عمل المجلس النيابي، الذي يشكل اليوم المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة في ظل الفراغ”.

 

وبحسب مصادر ديبلوماسية اوروبية رفيعة المستوى تلقى مسؤولون لبنانيون في معلومات لـ”النهار” لا قاطعة اذا اقدمت الحكومة على التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وهناك استغراب اوروبي وصل الى حدود الاستياء من دفع نواب الحاكم الاربعة الى الاستقالة او ممارسة ضغوط عليهم وان المطلوب منهم تحمل مسؤولياتهم والمهمات المطلوبة منهم وفق ما ينص عليه قاتون النقد والتسليف.

 

من جهة اخرى اوضح قيادي في “حزب الله” لـ “النهار” بأن “مشاركة وزيري الحزب في جلسة الخميس لم يتم حسمها بعد والمشاركة في هذه الجلسة شيء والتصويت على تعيين حاكم جديد للبنك المركزي شيء اخر”. وقال “ما زلنا على موقفنا وثابتتنا وهي رفضنا تعيين حاكم جديد في هذه الجلسة وفي ظل حكومة تصريف الاعمال” .

 

أسماء مرشحين

 

في المعلومات المتوافرة لـ”النهار” ان جلسة مجلس الوزراء ستطرح تعيين حاكم جديد بناء لمجموعة من أسماء المرشحين الذين سيعرضهم ميقاتي على الوزراء. وتؤكد المعلومات ان الجلسة ستنعقد وسيؤمن وزراء الثنائي الشيعي النصاب، ولكن ما هو غير مؤكد او محسوم فيتمثل باحتمال عدم الوصول الى التوافق على اسم المرشح. وتفيد المعلومات ان سلة الأسماء التي سيطرحها ميقاتي تتضمن كلا من: الوزيرين السابقين كميل أبو سليمان ومنصور بطيش، المصرفي سمير عساف، المصرفي كريم سعيد ( شقيق النائب السابق فارس سعيد) المدير العام للقصر الجمهوري أنطوان شقير، ونعيم أبو جودة. كما تردد اسم الرئيس السابق لجمعية المصارف جوزف طربيه .

 

وتشير المعلومات الى ان ميقاتي سعى مدعوماً من بري الى وضع القوى السياسية امام مسؤولياتها في حسم مصير الحاكمية، تعييناً لحاكم جديد او تسليم النائب الأول للحاكم وسيم منصوري الصلاحيات علماً ان استقالة النواب لم تعد محسومة. وقالت أوساط ميقاتي لـ”النهار” انه من غير الوارد اطلاقا طرح التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وكل المداولات الجارية والتي ستجرى لا تتطرق اطلاقا الى التمديد. وتردد ان اجتماعا سيعقد اليوم بين ميقاتي والنواب الأربعة .

 

وسارعت الهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” الى التحذير من “تمادي حكومة تصريف الأعمال المستقيلة في ضرب الميثاق ومخالفة الدستور، فالشغور في منصب حاكم المصرف المركزي يُعالجه قانون النقد والتسليف. أما إذا كان هناك رفض لتحمّل المسؤولية، فإن التيار الوطني الحر يرى المخرج بتعيين حارس قضائي وفي جميع الأحوال من غير الجائز بقاء رياض سلامة بأي صيغة كانت ولا الإستمرار بسياسته” .ولوحظ انها لم تطرق الى خيار تعيين حاكم جديد .

 

كما ان طلائع الانقسام الوزاري بدأت عبر مواقف لوزراء منهم جوني قرم الذي اعلن “انه اذا كانت الجلسة لتعيين حاكم من دون غطاء مسيحي فانا لن أشارك”. كما ان الوزير هكتور حجار اعتبر الدعوة لتعيين حاكم “معيبة وتضع لبنان الشراكة في مهب الريح “.

 

لودريان العائد

 

وسط هذه الأجواء شرع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بجولته الجديدة في بيروت منطلقا هذه المرة من طرح الدور الفرنسي في اطار مختلف عن السابق اذ علمت “النهار” انه طرح على الذين التقاهم فكرة حوار يعقد في أيلول في مقر السفارة الفرنسية يتم خلاله الاتفاق على مواصفات الرئيس وليس على الاسم على ان يتم الذهاب بعد ذلك مباشرة الى مجلس النواب وفتح جلسات متتالية من دون تعطيل بما ينتج انتخاب رئيس الجمهورية. واللافت ان لودريان اصر خلال لقاءاته على الحصول على جواب ضمن اللقاء وعدم اخذ وقت للاخذ والرد. كما انه لم يأت على ذكر المبادرة السابقة او أي اسم .

 

وزار لودريان أولا عين التينة، حيث التقى الرئيس برّي في حضور السفيرة الفرنسية آن غريو واستمر اللقاء لأكثر من خمس وأربعين دقيقة. ووصف برّي اللقاء مع الموفد الفرنسي بانه “جيد” وقال: “يمكننا القول أن كوة في جدار الملف الرئاسي قد فتحت”. وبعدها التقى لودريان في قصر الصنوبر تباعا رئيس كتلة “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط ثم التقى رئيس الحزب النائب سامي الجميل ثم رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض . واكد جنبلاط امام الموفد الفرنسي “ضرورة الكف عن إضاعة الوقت وانتخاب رئيس للجمهورية وشدد على التمسك بالحوار بلا شروط مسبقة كمدخل للتوصل الى التوافق الداخلي المطلوب لانجاز هذا الاستحقاق “. وسيكمل لودريان لقاءاته اليوم وابرزها مع الدكتور سمير جعجع والنائب جبران باسيل.

 

وبدا لافتا استبعاد الرئيس ميقاتي هذه المرة من جدول لقاءات لودريان اذ أوضحت دوائر رئاسة الحكومة أن لا لقاء بين رئيس حكومة تصريف الأعمال ميقاتي ولودريان واجتماعاته ستقتصر فقط على المعنيين مباشرة بانتخاب رئيس للجمهورية.

 

=====

 

 

Don't miss a post!

Subscribe for free and be the first to be notified of updates.