أمسية ساحرة إسبانية لبنانية لأريماني وضاهر في مهرجان بعلبك

محمد أبو إسبر

وطنية- بعلبك- اختارت لجنة “مهرجانات بعلبك الدولية” واسطة العقد لحفلات برنامجها الخماسي، توليفة موسيقية غنائية راقصة تحت عنوان: “الجذور في أيدينا من إسبانيا ولبنان”، جمعت ما بين الفن “الأندلسي” المعتّق الذي نهل منه بأسلوبه الخاص والممتع عزفا على الغيتار وغناء، الفنان الإسباني ناشو أريماني، في مشهدية مزركشة بعروض راقصة “الفلامنكو” كارين لوغو، والموشاة بفيروزيات الرحابنة التي يحن إليها المهرجان، وما زال صداها يحلق في أجواء “جوبيتر” و”باخوس” وما بينهما، أدته بإتقان وجدارة المغنية فابيان ضاهر التي أثبتت نديتها لكبار الفنانين، وفي الخلفية تركت جوقة “الجامعة اليسوعية” الستينية، بقيادة ياسمينا صبّاح، بصمة مميزة في دقة تنظيمها، وأصواتها التي تحاكي كل لون بلغته وطبقاته، وحتى في تراتيل ترانيمه.

 

وتقدم الحضور محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر، رئيسة لجنة المهرجانات نايلة دي فريج، رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، وسفراء: إسبانيا خيسوس سانتوس أغوادو، بلجيكا كوين فيرفاك، الدانمارك كريستوفر فيفيك، كولومبيا لينا فانيسا فاريلا فيتزجيرالد، ومديرة معهد “سرفانتس” في بيروت يولاندا سولير أونيس.

دي فريج

وتحدثت في مستهل الحفل دي فريج، فقالت: ” أشكركم على حضوركم الليلة من أجل حفل “الجذور في أيدينا من إسبانيا ولبنان” الذي تم تصميمه ليشكل حوارا موسيقيا وغنائيا من إسبانيا ولبنان”.

 

وأضافت: “إنه إبداع لمهرجان بعلبك، من تصميم فنان موهوب للغاية، رسول سلام، وملحن، وعازف متعدد الآلات، إنه المغني ناتشو أريماني، الذي جمع موسيقيين ومغنيين وراقصين استثنائيين وجوقة تساهم في هذا المساء الساحر”.

 

وختمت دي فريج: “على الرغم من أن ناتشو إسباني، إلا أن تفانيه في الموسيقى اللبنانية يجب أن يجعله مواطنا لبنانيا! كما أود أن أعرب عن امتناني لسفير إسبانيا في لبنان جيسوس سانتوس أغوادو، وكل فريقه، على دعمهم لهذا المشروع منذ بدايته. كما أود أن أعرب عن خالص تقديري لرعاة هذا الحفل، ولشريكنا CMA CGM ، الذي سمح دعمه لمهرجاننا بالازدهار”.

 

صبّاح

وأشارت قائدة الجوقة المايسترو ياسمينا صبّاح في حديث خاص ب”الوكالة الوطنية للإعلام” إلى أنها “أول مشاركة لجوقة الجامعة اليسوعية في مهرجان بعلبك، ونحن نتشرف بإتاحة الفرصة لنا لنشارك بمهرجان عالمي في عمل موسيقي غنائي كورالي جديد من نوعه”.

 

وأضافت: “مهرجانات بعلبك الدولية استضافت أكثر النجوم عالمية وشهرة، ونحن نفخر ولنا الشرف بأن نساهم بهذا الصمود الثقافي في لبنان، رغم كل ما يواجهه بلدنا من أزمات، وهذا دليل بأن الناس في هذا البلد لديهم إرادة الحياة والتصميم على العطاء ليبقى لبنان منارة ثقافية في العالم”.

 

الحفل

مزجت الأمسية في 11 لوحة متتالية دون استراحة، وعلى مدى أكثر من ساعتين، ما بين الفن الإسباني وتراثنا اللبناني المطعم بالعراقة الفنية المتجذرة في بلاد النيل.

 

والبداية من معزوفة “الجذور بين أيدينا” وسيدها دون منازع أريماني برشاقة عزفه على “الغيتار” يعاونه خمسة عازفين أساسيين على “الكمان” و “الفيولا” و “الكونترباص” و “الدرامز”.

 

وأدى أريماني أغنية “بانتظاركم” التي غمرها بأحاسيسه ومشاعره الجياشة، قبل أن ينتقل مع الجوقة إلى رائعته “Comola Marea”، وأتبعها بلوحته الغنائية الساحرة “Solea Del Vineto” التي أفصح فيها  عن مكنونات قلبه وأحاسيسه، بمشاركة راقصة “الفلامنكو” كارين لوغو، التي لاحقها بعدسته وائل حمزة ليرسم الصورة بلمساته الفنية التي أضفت على الكوريغرافيا رونقا وجمالا وبهاء، وقد عبّرت لوغو في أدائها عن مشاعر حزن وغضب، ولم تغب عنها لمحات من فيض العاطفة، وودعها الجمهور بصيحات “أوليه” وبتصفيق الأكف. وأسدل الستار على هذا القسم مع “KANEKO” ونغمات من الموسيقى الحالمة.

 

وفي الفصل الثاني أتحف الثنائي نوشو أريماني وفابيان ضاهر، مع اللمسات الساحرة لأصوات الكورال، الجمهور، والبداية مع موال قدم لأغنية سفيرتنا إلى النجوم السيدة فيروز “الحلوة دي” وهي من كلمات بديع خيري وألحان سيد درويش، ومطلعها: “الحلوة دي قامت تعجن في البدرية، والديك بيدِّن كوكوكومو بالفجرية، يلا بنا على باب الله يا صنايعيّة، يجعل صباحك، صباح الخير يا سي عطية”.

 

ومن ثمَّ “البنت الشلبيّة، عيونا لوزيّة، بحبك من قلبي يا قلبي أنتِ عينيا” فأعادتنا بالذاكرة إلى الرحابنة و”أيام على البال بتعن وتروح”.

 

ونقلتنا ضاهر إلى أجواء أعياد الميلاد فاختارت من كلمات وألحان الفنان زياد الرحباني ترنيمة من أيقونات التراتيل “يا مريم البكر، فُقتِ الشمس والقمر وكل نجم بأفلاك السماء سرى، يا أم يسوع يا أمي ويا أملي، لا تُهمليني متى عني الخطا صدَرَ، يا نجمة الصبح شعِّي في معابدنا، ونوّري عقلنا والسمعَ والبصرَ”.

 

وأعقبها الصوت الملائكي الفيروزي الذي يصل بمناجاته ما بين الأرض والسماء بترتيلة “كرياليسون”، مع جوقة “اليسوعية” التي ترجو اللّه الإنصات إلى دعائنا والاستجابة لنا، والرحمة والمغفرة، والصلاة لأجلنا من أم النعمة الإلهية البتول المكرّمة والطاهرة من غير دنس مريم العذراء.

 

وفي توليفة سريعة لباقة من تراثنا الوطني، تاجها عاصمتنا عروس الشواطىء التي تنحني لها الهامات إجلالا لدورها الثقافي على مدى التاريخ، فكانت أغنية “لبيروت من قلبي سلامٌ لبيروت، وقُبل للبحر والبيوت

 

لصخرةٍ كأنها، وجه بحارٍ قديمِ هي من، روحِ الشعب خمرٌ، هي من عرقِهِ خبزٌ وياسمين، فكيف صار طعمها

 

طعم نارٍ ودخانِ”، ومن بعدها “بحبك يا لبنان، يا وطني بحبك” على أمل انبعاثه من جديد من رماده كطائر الفينيق، وهذا مأمول من “لبنان الكرامة والشعب العنيد”.

 

وختام المشهدية مع النشيد الإسباني “الوحدة والحرية” التي تجمع القلوب، وديو مشترك بين أريماني وضاهر، ولوحة راقصة زاوجت ما بين الفلامنكو والفولكلور اللبناني، من أداء كارين لوغو وكارلوس متربيان.

 

 

Don't miss a post!

Subscribe for free and be the first to be notified of updates.