كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:

في الشّكل، كانت زيارةُ المبعوث الأميركي آموس هوكستين خاطفة إذ لم يكد يحطّ في بيروت ظهرًا، حتى غادرها مساء، غير أنها حملتْ في المضمون الكثيرَ من علاماتِ الاستفهام. فالكلامُ الذي نُقل عن هوكستين خصوصًا في ما يتعلّق بأن لا وجود لشيء إسمهُ حرب صغيرة وحرب كبيرة، أثار الكثير من الجدل والتفسيرات المتضاربة، إضافة إلى لقائهِ للمرّة الاولى عددًا من نوابِ المعارضة.

زيارةُ هوكستين تابعها اللبنانيون باهتمامٍ لافت هذه المرّة، فهي تأتي في مرحلة دقيقة للغاية، حيث تشتدُّ يوميّا حدّة المواجهات على الجبهة الجنوبية، فيما تنشطُ مساعٍ حثيثة من أجل إرساءِ هدنةٍ في غزة خلال شهر رمضان والتي يتطلّع اللبنانيون إلى أن تنسحبَ على الجنوب، في حال تحقّقت.

رئيسُ حركة الاستقلال النائب ميشال معوّض اعتبر أن اجتماعَ هوكستين للمرة الاولى مع ممثلين عن قوى المعارضة شكّل تطوّرًا مهمّا، لأنه في المرّات السابقة كان يكتفي بالاستماع إلى وجهةِ نظرٍ واحدة وهي التي لا تتلاءمُ مع الدستور اللبناني ولا تملكُ الشرعية الشعبية اللازمة لتأخذَ لبنان إلى الحرب، مضيفا: “الحكومة تركتْ صلاحيّاتها وجيّرتها لـ”حزب الله” في ما يتعلق بالحرب والسلم، فيما أكثر من 75 في المئة من الشعب اللبناني أي أكثر من الثلثين يرفض مبدأ وحدة الساحات وربط لبنان بغزة، وبالتالي سمعَ هوكستين هذه المرّة وجهة النظر التي تشكّل الأكثرية الوازنة من اللبنانيين وهي وجهة نظر مخطوفة عمليّا”.

ولفت معوّض، في حديث لموقع mtv الالكتروني، إلى أنه من الواضح أن أولويّة هوكستين المطلقة هي إيقاف الحرب ومنع توسّعها في لبنان بسبب نتائجها الوخيمة علينا جميعا لان الكلفة التي ندفعها باهظة جدا في بلدٍ منهار اقتصاديا وماليا، وتابع: “الخسائر البشرية تعدّت الـ350 وهو رقمٌ يتزايد يوميا، أضف إليه أعداد النازحين من الجنوب، والخسائرَ المادية التي تخطّت المليارَي دولار في وقت نسعى لتأمينِ حقوق الاساتذة والعسكريين وموظفي القطاع العام والمودعين”.

وجدّد معوّض التّشديد على ضرورةِ إيجادِ حلّ ديبلوماسي يكون أقلّ كلفة على الجميع، وقال: “كلنا متخوّفون، وهوكستين كذلك، من توسيعِ إطار الحرب التي قد تكون تبعاتها غير قابلة للتصحيح”، لافتا إلى أنهم شرحوا للمبعوث الاميركي “أهمية وقف القتال في الجنوب إنما مع إعطاء الاولوية للحلول المستدامة التي تؤسّس لمرحلةٍ جديدة وليس للتّسويات الآنية التي ستعيدنا بعد سنوات إلى سيناريوهاتِ الحربِ نفسها، وذلك يكون من خلال تطبيقٍ كامل وجدّي للقرار 1701، الذي لم يواكب المجتمع الدولي تطبيقهُ بجدّية وذلك طبعًا بطريقةٍ متوازية من قِبَل الطرفين”.

لم يُفصح معوّض عن المزيد، وما يمكن أن يكون قد سمعهُ فريقُ المعارضة من المبعوث الأميركي… حتى مُراقبة التطورات في غزة لن تفيدنا لمعرفةِ مصيرِ جبهتنا، فالهدنة إن تحقّقت هناك لن تسريَ حكمًا عندنا، وهو أمرٌ بات مؤكدا، تماما كما بات مؤكدا أننا دخلنا مُرغمين إلى فوّهة من نار.. قد لا ندركُ طريقَ الخروجِ منها.