عشاء لـ “مستقلون من أجل لبنان” وكلمات شددت على ضرورة انتخاب رئيس وإصلاح النظام وإعادة بناء الدولة وإعلان قيامة لبنان الجديد

أقامت لجنة المتابعة في لقاء “مستقلون من اجل لبنان” عشاء شارك فيه بالإضافة إلى اعضاء اللقاء مهتمون بالشأن العام واعلاميون.

 

وألقى المتحدث باسم اللقاء رافي مادايان  كلمة قال فيها: “في البدء كان الكلمة ، أي الفكرة ، أي الخلق، أي الله و جميعها حركية في الله و اتحاد به و الله هو الفكرة و الخلق و الكلمة و الانسان . ألم يكن الله متجسدا”في شكل انسان أسميناه السيد المسيح الذي نطق بالفكرة و بلاهوت الايمان بالله الواحد الخالق؟ تعالوا نجتمع حول الفكرة ، فكرة الاصلاح للخلل السياسي – الاجتماعي و فكرة اعادة بناء الدولة أو فكرة تكوين الدولة المعاصرة الحديثة. تعالوا نعمل معا” ككوادر بناء و نخب اصلاح، نكون مع يد الله و الملاك الذي دحرج الحجر، لنعلن قيامة لبنان الجديد و قيامة مسيحية جديدة تنشر قوة الفكرة و ليس فكرة القوة والحرب في مخاطبة الآخر. كان بشارة الخوري يقول إن فكرة العدالة و الإصلاح يتحققان بالسياسة و ليس بالقوة . نحن نحتاج الى مزيد من الحرية و الحكمة و مساحات التلاقي و الضمانات المتبادلة .  فالآخر ليس التهديد و لا الجحيم “.

 

أضاف: “نظريات و أفكار روسو(الميثاق السياسي و الاجتماعي) و فولتير ومونتسكيو و ديدرو سبقت الثورة الفرنسية العالمية سنة 1789  وأوجدتها. حقبة التنوير الفكري و الثقافي والقيمي التي سبقت الثورة السياسية في فرنسا مثلت دور القابلة القانونية لتلك الثورة. تونس عرفت ربما أول نظام معاصر قائم على  صيغة دستورية بسبب اطلاع نخبها السياسية على فكر ديكارت المجاور على الضفة المقابلة للمتوسط. في كتابه الصادر عام 2014 بعنوان World Order  ينصح هنري كيسنجر الانتلجنسيا الأميركية الاهتمام بالفلسفة بالإضافة الى الجيوبوليتيك من أجل التصدي للتحديات المعاصرة بنجاح”.

 

تابع:”فكرة كيان لبنان كانت عظيمة، أسستها الكنيسة و الانتلجنسيا المسيحية أو المارونية السياسية و لكنها أصبحت مع بشارة الخوري و الكتلة الدستورية فكرة وطنية عابرة للطوائف. و هكذا كانت أيضا” الشمعونية و الشهابية و اللحودية و العونية كتجارب حكم عابرة للطوائف قادتها نخب مسيحية وطنية لكنها باتت جزءا من التجربة اللبنانية على امتداد قرن. كل العهود لم تكن مسيحية فقط و شهدت انجازات وإخفاقات على طريق تجربتنا المشتركة كلبنانيين منتمين الى وطن واحد ، و علينا اليوم أن نراجع ونستكشف هذا التاريخ لفهم الأحداث و الوقائع و نخضعها للمسائلة و النقاش و النقد الفكري حتى نتمكن من استشراف المستقبل و نعالج الأزمات التي تؤثر في حياةالمواطنين”.

 

تابع:” بعد مئة عام من عمر لبنان الكبير تظل هناك اسئلة يطرحها  علينا الواقع من دون حتى تدخل ارادي من قبلنا، من بينها سؤال عن المعنى الذي قدمته الشهابية (السياسية و الاجتماعية) لتجربة لبنان، و لتجربة المسيحيين – و المسلمين – في لبنان . بعجالة يمكن القول أن أهمية تجربة فؤاد شهاب تكمن في معنى واحد ، و هو أنه نقل لبنان من كونه مغامرة ابتداعية في الشرق المحفوف بالمخاطر، الى معنى أنه دولة للتجربة اللبنانية الرائدة. و في الظل و حيث لا يعلم الكثيرون، كانت الشهابية تسير بترشيد من الأب لوبريه الذي أهداها الارشاد الاجتماعي و فكرة دولة الرعاية التي جمعت بين الاقتصاد و الانسانية جوهر المسيحية، و بوحي من تعاليمه ذهب شهاب و  فريق عمله لمشروع توسيع القاعدة الاجتماعية للدولة من خلال التنمية المتوازية التي جاءت لتطوي صفحة صناعة الطفرة – الفقاعة التجارية حسب ميشال شيحا، و لتطوي صفحة مغامرة الطفرة المالية حسب يوسف بيدس، و كلا هاتين الطفرتين كان مقتلهما في أنهما مركزا الثروة في أيدي بضعة عائلات و 2% فقط من اللبنانيين وفق دراسات بعثة ايرفيد  Irfed ، فيما رزح أغلبية اللبنانيين و لا سيما في الأطراف تحت خط الفقر المختفي وراء بهرجة ما سمي آنذاك بالجمهورية اللبنانية الفينيقية التجارية”.

 

أضاف:”أحيانا يخامرني إحساس له مقومات القناعة، و مفاده أن لبنان هو صناعة مغامرين، و هو كذلك نتاج تصارع مغامرين حول السلطة و من أجلها. مغامرة شهاب مع جعل فكرة لبنان تحتضنها دولة ذات مؤسسات و ذات رؤية تنموية اجتماعية، كانت الأنجح لأنها لحظت أبعادا اجتماعية لاستقرار البلد، و ليس فقط أبعادا مالية وربحية مجردة ومتوحشة. و مع ذلك لم تعش التجربة الشهابية سوى عهد و نصف العهد، أي أقل من عقد ، لأن شارل حلو قرر في منتصف عهده أن لا يكون امتدادا للشهابية وذهب لإنشاء حالة تكيّف مع استبدال المايسترو الفرنسي الاقتصادي بالمايسترو الأقتصادي الأميركي . لقد انهار بموجب ذلك بنك انترا ( 1966) الذراع المالية للشهابية – كما شاع حينها – المتحالف مع انكلترا بحسب التهمة الأميركية ، و حلّ مكانه دور المصرف المركزي الذي طالبت واشنطن بانشائه منذ البداية ليكون عينها على المصارف التي جعلتها تنظيرات شيحا بحل من أية رقابة للدولة عليها. و خلال هذه المرحلة نشأ لبنان المحكوم من دولتين : دولة عميقة قوامها المصارف و العائلات الحاكمة (ال13)، ودولة واقعية قوامها الطبقة السياسية. و تفجرت هذه التركيبة على رأس ما كان يسمى بالمارونية السياسية حينها بفعل نشوب حرب العام 1975″.

 

تابع:”لم يكن بيدس من حيث الولادة لبنانيا  لكنه سرعان ما صار قبطانا سافر على سفن ميشال شيحا التجارية الفينيقية باتجاه مغامرة جعل لبنان ، كما قال ، يشحن المال من المنطقة و اليها، وذلك بموازاة أن قناة السويس يشحن البضائع من المنطقة و اليها، و لم تعش صيغة دولة المصارف العميقة و دولة الطبقة السياسية الواقعية الا نحو عقد. ثم جاءت الحرب، و بعدها جاء الطائف، و مع الأخير ظل السؤال مطروحا” و خاصة عند المسيحيين : عن أي دولة نريد لفكرة المغامرة اللبنانية؟ و هذا السؤال يبحث عن خط انطلاق له حتى يمكن الإجابة عنه بالمعنى المناسب، لكن هل يكون خط الانطلاق نحوه من السؤال عما اذا كان المسيحيون قادرين على تجنب الحرب الاهلية لو امتلكوا حينها قيادة حكيمة؟ و هل اليوم وقت طرح هذا السؤال ؟ ام تكون نقطة الانطلاق للمسائلة المسيحية مع نفسها من توجيه سؤال عما اذا كان المسيحيون فاوضوا كما يجب على طاولة الطائف ؟ و لكن أيضا هل اليوم وقت طرح هذا السؤال؟ أم يكون منطلق المسائلة هو السؤال : هل نحن اليوم بحاجة لمسيحية سياسية وطنية و اجتماعية جديدة على نحو ما فعل شهاب خلال عهد و نصف؟ هل اللحظة التي تمتاز بأنها لحظة انهيار تسمح للمسيحيين بالتفكير باعادة البناء السياسي لبيتهم و لدورهم و لوطنهم بالتشارك مع كل الطوائف الأخرى و مع كل اللبنانيين؟ هل تنطلق المسائلة من نقطة السؤال عما اذا كانت الأحزاب المسيحية التي اضعفت الموقف المسيحي عشية اتفاق الطائف و خاضت حروب الغاء بعضها البعض، هي ذاتها تستطيع أن تعزز الموقف المسيحي اليوم ضمن مشروع وطني تجديدي نهضوي ؟ و هل الوقت الراهن مناسب لفتح دفاتر حساب الذات وحساب أحزاب الكارثة و الحرب عام 1975 و الهزيمة في العام 1989 و الانهيار في العام 2023 ؟

 

وختم:”ما العمل؟ نحن نطرح هذا السؤال داخل لقاء مستقلون من أجل لبنان الذي أجاب على ثلاثة أرباعه بمجرد أنه أعلن ولادته وفق مشروع يتبلور مع الإصرار على إثبات الوجود على جبهة عدم الاحباط و عدم التسليم للأمر الواقع المهزوم و الفاشل بدليل تجارب المسيحيين مع أحزابهم الراهنة والتقليدية”.

 

الشويري

وكانت كلمة لعضو لجنة المتابعة في اللقاء زياد الشويري قال فيها:”نسأل انفسنا أولًا  لنوفّر الاجوبة لمن لا يعرفنا.. من نحن؟ أولًا لسنا محسوبين على أحد ولسنا ضد أحد في زمن الانحيازات والاصطفافات. إنما هناك من انتابه القلق من تجمع قيادات مستقلة مسيحية فحاول إلحاق صبغة لنا وصفة تناسب مصالحه وغاياته فنحن لسنا صنيعة أحد، وهل وصلنا الى مرحلة بات علينا ان نلتحق بالاصطفاف الحزبي او نبقى متفرجين نراقب انهيار البلد؟”.

 

أضاف:”من هذا المنطلق يدعو اللقاء الى تعاون النخب والقيادات المستقلة المسيحية مع بكركي والتحلق هو اهداف واضحة: انتخاب رئيس للجمهورية، واصلاح النظام واعادة بناء الدولة. ان هذه الاهداف لا بد وأن تمرّ حكمًا باندماج المسيحيين في النسيج الوطني، وتفهمهم للمحيط العربي. وبالتالي التوقف عن خوض المغامرات دون ان يعني ذلك بأي شكلٍ من الاشكال التخلي عن الحقوق، او التنازل عن دورنا التأسيسي والطليعي. لذلك ندعو الى انتخاب رئيس لديه رؤية استراتيجية وقدرة للتعاون مع الأطراف المحلية والعربية والدولية، ويتبنى مشروعًا إصلاحيًا يرتكز على وجوب احتكام الجميع الى الحياة الدستورية فلبنان لا يحكم إلاّ بالدستور والشرعية  الميثاقية المنصوص عنها في مقدمته  ووجوب إيجاد حل جذري ونهائي لملف النازحين السوريين في لبنان ومواجهة الخطوات الممنهجة لدمجهم بالشعب اللبناني وهي خطوات باتت تشكل خطراً داهماً على الكيان اللبناني. صحيح اننا ندعو الى تطبيق كامل بنود اتفاق الطائف إلا انه يجب ان نعترف ان دستورنا بحاجة الى تطوير خصوصاً في ضوء التجارب غير المشجعة على مدى السنوات الماضية”.

 

تابع:”لقد أعاد اتفاق الطائف توزيع الصلاحيات الدستورية على نحو نقل فيها الصلاحيات الإجرائية من رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء كهيئة جماعية كونه يمثل جميع المكونات الطائفية ويشكل ضمانة للمساواة بين الطوائف. إلا أنه بالممارسة تبيَّن أنه من الصعب تحديد هذه السلطة وممارستها وذلك بسبب وجود بنود عدّة في الإتفاق غامضة وعرضة للتأويل، بمعنى أن دستور الطائف أنتج نظاماً متعدد الرؤوس لا يحدد دائماً الطرف المسؤول عن اتخاذ القرارات ولا ضوابط ذاتية فيه وبالتالي عند نشوء أي خلاف يسقط البلد في شلل كامل ولا يخرج منها إلا بتسوياتٍ غير دستورية وفي أغلب الأحيان بعد الإحتكام الى قوى خارجية أو برعاية قوى خارجية. من هنا ضرورة الإنكباب الجدي على اتفاق الطائف لاستكشاف ثغراته العديدة التي يُخشى أن تتحول كل واحدة منها إلى مشروع فتنة وخلاف وشرذمة”.

 

ودعا إلى اتخاذ “خطوات جريئة تتمثل بتطوير دستور الطائف لجهة تحديد المهل الملزمة وايجاد حل جذري لتفلُّت مهل التكليف والتأليف وانتخاب رئيس الجمهورية منعاً للإخلال بمبدأ الشراكة الحقيقية، ومساهمة في انتظام الحياة الديمقراطية، وإزالة الغموض والتأويلات حول بعض البنود الدستورية، وحرصاً على عدم الدخول عند كل استحقاق في حالةٍ من الشلل أو الفراغ الطويل.  تحديد آلية ملزمة لانتخاب الرئيس الى حين التوصل الى توافق وطني يقضي بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب.  وجوب إعطاء صلاحية تفسير الدستور للمجلس الدستوري، أو وضع آلية واضحة في مجلس النواب لتفسير الدستور وإنشاء لجنة خاصة في هذا المجال. الشروع بأسرع وقت بورشة دستورية تضع نظاماً داخليّاً لمجلس الوزراء يُقَرُّ بقانون في المجلس النيابي يحدد آليات ممارسة السلطة الإجرائية كما تحدد صلاحيات رئيس الحكومة والوزراء ليتحوّل مجلس الوزراء الى مؤسسة فعليّة متكاملة تنسجم مع الصلاحيات الدستورية المعطاة له .إقرار قانون اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة. العمل على إدخال تعديلات جوهرية على قانون الإنتخاب الحالي، من خلال الإبقاء على اعتماد القانون النسبي مع توسيع الدوائر” .

 

ختم: “أخيرًا لا بد أن نُشير الى أمر أساسي وجوهري وهو أن احترام السيادة اللبنانية التي لا تتجزأ، يقتضي عدم التهاون في تثبيت الحدود البرية للبنان مع فلسطين المحتلة، ونشدد على كلمة تثبيت لا ترسيم لأن حدودنا الدولية مرسمة وفق اتفاقية بوليه- نيوكومب منذ 1923.  ان هذا المفهوم ملزم للوسيط الاميركي الذي تحرك في اليومين الماضيين لانجاز التسوية الحدودية بين لبنان والعدو الاسرائيلي. لن أطيل عليكم ويبقى اننا نلتقي حول هذه الجوامع الوطنية معلنين التزامنا بالاعتدال والكلمة التي تقرّب ولا تباعد من أجل بلادنا”.

 

 

لا تفوت منشورًا!

اشترك مجانًا وكن أول من يتم إخباره بالتحديثات.