فرج سليمان: طريق القدس الموسيقية مرّت من جونيه…

ليل الجمعة الفائت، صادف أن التقى 4 آلاف شخص، في نادي “O Beirut” بأنطلياس، بشابّة جميلة، بلا اسم ولا عنوان، اصطحبها معه عازف البيانو الرقيق فرج سليمان، وقدّمها لنا، كأنّنا نراها للمرّة الأولى، اسمها “فلسطين”.

وفلسطين هذه التي مرّت طريقها من جونيه والدورة، لها وجهٌ لا نعرفه. ولها أسماء كثيرة كنّا نظنّ أنّها للمدن الآمنة والساكنة، في أوروبا أو بعض دول العرب. هي “حيّ” له ذكريات لم يعرّفنا إليها أحد بعد، حتّى ظننّا أنّها غير موجودة. فهي “الصندوق الخشب وصور الألبوم”. وهي الحنين إلى “أمّ صبري” وليس إلى “خبز أمّي”. وهي “البرندة عَ البرندة”، وليست ذاكرة الزيتون. هي وصايا الموسيقى، وليست “وصايا الأرض في ريش الحمام” مثلاً. والمدن المحتلّة لم تكن بالنسبة له ساحة قتال وقتل ودماء، بل زواريب طفولته وشبابه، حيث الرجل الذي يخون زوجته، والمرأة التي يغنّي لها “شو بدّك بجوزك”، والبحث عن “أرخص ديلر”.

جاءنا شابٌّ يسعى من حيفا، يخلط الألحان الشرقية بالغربية، الجاز بالروك والكلاسيكي، ووضع فلسطين أمامنا، لكن من دون أن يسمّيها. فلسطين البيانو وليس الدبكة، الساكسوفون وليس العود. الدرامز وليس الطبلة… فلسطين الأغنية، الأسرع من الرصاص، الموسيقى، الأبقى أثراً من السلاح. وهناك كان 4 آلاف شابّ وصبيّة يتمايلون وهم يحملون هواتفهم ويصوّرونه. كانت القدس مع كأس من العائلة الكحولية، والطريق إليها من الفم إلى الشرايين، وليس من أوهام السماء وأغنياتها وأناشيدها. من أنطلياس، وليس من حارة حريك.

لا تفوت منشورًا!

اشترك مجانًا وكن أول من يتم إخباره بالتحديثات.