سفارة لبنان في روما : تجميد الحسابات المصرفية ودعاوى قضائية بالجملة

أكدت مصادر أن المعلومات حول مسألة الحجز على الحسابات المصرفية العائدة  لسفارة لبنان في روما هي معلومات صحيحة. وكان موقع ICIBEYROUTH.COM ،  وبتاريخ  25 أيلول 2023، قد أفاد عن واقعة حجز الحسابات المصرفية  لبعثة لبنان في روما بعد أن أصدر القضاء الإيطالي حكماﹰ بالحجز على الحسابات المصرفية وتجميدها جراء تخلف البعثة عن دفع مستحقات مالية متوجبة عليها وفقاﹰ للقانون الإيطالي وتنفيذاﹰ لحكم صدرعن محكمة العمل الايطالية بحق البعثة.

وعلمت المصادر أنه، منذ تاريخ 8 أيلول 2023، لم يعد باستطاعة بعثة لبنان في روما تحريك حساباتها المصرفية لدى المصرف الإيطالي المعتمد من قبلها، وبالتالي لم يعد بوسعها إيداع، سحب أو تحويل أية مبالغ مالية أنى كان مصدرها. فبعثة لبنان في روما والتي ترأسها السفيرة ميرا ضاهر ويعاونها الدبلوماسيان توفيق متى وباسل عويدات، لا تسدد رواتب الموظفين العاملين لديها (وعددهم 8 : محاسب، سكرتيرة ؤئيس البعثة، محرر، 2 حاجب، سائق، طباخ وخادمة) منذ ستة أشهر. فهؤلاء لا يتقاضون رواتبهم منذ أيلول 2023 ولم يجرؤ أحد منهم على رفع الأمر إلى وزارة الخارجية اللبنانية بسبب الترهيب الذي تمارسه رئيسة البعثة ميرا ضاهر عليهم، وهي لم تبلغ الإدارة في وزارة الخارجية  بالحجزعلى الحسابات المصرفية، لأنها توهم الإدارة  بأن الأمور في البعثة هي على ما يرام. هذا إضافة إلى أنها تعتبر نفسها  فوق المساءلة القانونية والإدارية وأن القيمين في الإدارة ليس بإمكانهم مساءلتها.

ويشير المصدر إلى الدورالكبير الذي يلعبه محاسب السفارة  في التغطية على السفيرة ضاهر. فكلاهما يوهمان الموظفين بأن الحجز المصرفي لن يطول وأنهم  سوف يحصلون على رواتبهم في أقرب وقت.

كما تشير المصادر نفسها إلى أن البعثة، وبسبب تجميد حساباتها، لا تقوم بدفع فواتير الكهرباء والماء والهاتف الشهرية وفواتير أخرى صادرة عن السلطات الإيطالية، مما يعرض الدولة اللبنانية لفرض غرامات مالية إضافية عليها جراء التخلف عن الدفع ضمن المهلة المحددة.

كما وأنه، وبسبب الحجز على الحسابات المصرفية، لم يعد بمقدور السفارة إيداع الواردات القنصلية في المصرف – التي أصبحت  تقدر بعشرات آلاف اليورو-  وذلك منذ أيلول 2023، وفي ذلك مخالفة مالية خطيرة إذ أن التعليمات في البعثات تفرض إيداع الواردات القنصلية في المصرف تحت طائلة المساءلة القانونية لرئيس البعثة، وذلك من منطلق الحفاظ على المال العام والحرص على عدم تعرضه للسرقة أو ما شابه.

علماﹰ بأنه كان باستطاعة السفيرة ضاهر تفادي تجميد حسابات البعثة من خلال تطبيق الإجراءات التي ينص عليها مبدأ الحصانة الدبلوماسية للسفارات، وبالتالي تفادي التبعات المالية الناجمة عن ذلك وتجنيب الدولة اللبنانية المزيد من الإحراج. إلا أنه، وللأسف، يظهر أن الحفاظ على المصلحة اللبنانية العامة والمال العام ليست من أوليات رئيسة البعثة في روما، وهي المؤتمنة بموجب القوانين وحلف اليمين على الحرص على هذه المصلحة والدفاع عنها. فإن التقصير في تحمل مسؤوليات رئاسة البعثة في إدارة شؤونها الإدارية والقانونية والمالية من شأنه أن يعود بالضرر الكبير على الدولة اللبنانية وتكبيد الخزينة خسائر فادحة.

وبالعودة إلى موضوع الحجز المصرفي الذي أدى إلى هذا الوضع في بعثة لبنان في روما، يشير المصدر إلى أنه قد تم إصدار حكم بالحجز من قبل القضاء الإيطالي  بتاريخ 7 أيلول 2023، على خلفية صدور حكم قضائي لصالح موظفة محلية سابقة في السفارة.  وكانت هذه الموظفة  قد عملت في السفارة لمدة 37 سنة.

ومن المهم الإشارة إلى أن التسجيل في الضمان الإجتماعي INPS هو أمر إلزامي لجميع العمال و الموظفين في إيطاليا ويشمل الموظفين العاملين في البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وهو الأمر الذي لم تقم به السفارة بالنسبة لعدد من الموظفين. علما بأن الموظف في السفارات في إيطاليا، وعند انتهاء خدمته، يستفيد من تعويض صرف من خزينة الدولة التي تتبع لها السفارة بالإضافة إلى استفادته من راتب شهري تقاعدي من الضمان الإجتماعي الإيطالي في آن واحد.

وعلم بأن موظفين  آخرين لدى سفارة لبنان في روما، وعددهم أربعة، وجميعهم يحملون الجنسية الإيطالية،  قد رفعوا دعاوى قضائية  ضد السفارة :  ثلاثة منهم لبلوغهم السن القانونية، حيث لم تسدد السفارة لهم  تعويض نهاية الخدمة والمستحقات المالية المطلوبة من قبل الضمان الإجتماعي الإيطالي.

أما الموظفة الرابعة التي عملت في السفارة لمدة تزيد عن عشرين  سنة، فقد قامت السفيرة ضاهر بصرفها من وظيفتها، جراء رفض الموظفة  التوقيع على عقد عمل جديد والتوقيع بنفس الوقت على عقد تنازل عن مستحقاتها في الضمان الإجتماعي الإيطالي عن مدة عملها  في البعثة، والتي يحفظ القانون الإيطالي حقها فيها.

وتشير المصادر إلى استهجانها واستغرابها للأسلوب الذي تعتمده بعثة لبنان في روما في الدعاوى القضائية المقدمة من قبل الموظفين  لديها، خاصة وأن التعليمات الإدارية تحض دائما رؤساء البعثات على إيجاد حلول وتسويات لتفادي الدعاوى القضائية.  إذ أن السفارة  في روما  تلجأ إلى كافة أساليب الكذب والتلفيق والتضليل في دفاعها أمام القضاء الإيطالي بالتعاون مع المحامي المكلف من قبلها والذي لا يتمتع بالمصداقية المهنية. إذ أنه، هو المحامي نفسه الذي، في عام 2018، قدم مطالعة قانونية إلى السفارة حول كيفية تسوية أوضاع الموظفين  لديها وفقاﹰ للقانون الإيطالي وبما يرضي الطرفين (رب العمل والموظف)  وتفادياﹰ من رفع الموظفين لدعاوى قضائية من شأنها تكبيد الخزينة اللبنانية مبالغ طائلة تقارب المليونين يورو.

وأضاف المصدر بأن الأسلوب المتبع من البعثة والمحامي في التلفيق والتضليل أمام المحكمة هو أسلوب مستهجن ولا يرقى إلى المستوى الدبلوماسي الرزين الذي تتعامل به الدول، الأمر الذي من شأنه إحراج لبنان أمام وزارة الخارجية الإيطالية.

وختم المصدر أنه لم يعرف قط أن واجهت الدبلوماسية اللبنانية يوما حالة مماثلة منذ نشأتها وأن هذه القضايا لطالما كانت، ولا تزال، تواجه بعض البعثات الدبلوماسية اللبنانية، وخاصة في الدول الغربية، حيث قوانين العمل تحمي الموظف وتضمن له حياة لائقة بعد إحالته على التقاعد.  إلا أن القيمين على السفارات اللبنانية بمجملهم  يسعون في هذه الحالات إلى تفادي الدعاوى القضائية محاولين التوصل إلى حلول وتسويات مقبولة من الموظفين، وبمبالغ مالية معقولة، وهو الأمر المطلوب أكثر من أي وقت مضى في الظروف الراهنة في ظل الأزمة المالية والإقتصادية والمعيشية الكارثية التي يعاني منها لبنان منذ أكثر من أربع سنوات.

لا تفوت منشورًا!

اشترك مجانًا وكن أول من يتم إخباره بالتحديثات.